Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
4 septembre 2010 6 04 /09 /septembre /2010 14:59

عند انطلاق أولى تجارب القروض الصغرى بالمغرب في بداية التسعينيات لا أحد كان يتوقع أن يعرف هذا القطاع النجاح الذي عرفه إلى حدود سنة 2007، و لا أحد كان يتوقع أن تتبنى الدولة هذا النشاط و تدعمه.

  

     عرف مجال القروض الصغرى بين سنة 2000 و 2007 ٬ نجاحا غير مسبوق باعتراف المنظمات الدولية التي تعنى بهذا المجال٬ حيث صنفت التجربة المغربية رغم حداثتها٬ الأولى على مستوى شمال إفريقيا والعالم العربي. إلا أن هذا النجاح كان يحمل في طياته أسباب الأزمة التي يمر بها منذ 2008 إلى حدود الآن. أهم تجليات هذه الأزمة هو ارتفاع نسبة القروض المعلقة الأداء إلى مستويات باتت تهدد وجود جمعيات القروض الصغرى٬ مما جعل المنظمة الدولية "سيكاب " تدق ناقوس الخطر وتعلن أزمة القروض الصغرى بالمغرب

     إلا أن المثير هو أنه في إطار تحليل مسببات هذه الأزمة٬ غالبا ما يقف الخبراء على الأسباب التقنية كنظم التسيير،غياب آليات المراقبة الداخلية، غياب مركز موحد للمخاطر ، دون التعرض- مع الأسف- لجذور الوضعية الكارثية التي يجتازها القطاع.

 

 من بين الأسباب العميقة التي أدت إلى هذه الوضعية والتي تستحق الدراسة و التحليل بكل موضوعية و شجاعة من طرف الخبراء و الباحثين في هذا المجال نقف وبشكل سطحي على سببين هما :

 1 ) غياب آليات الحكامة الجيدة في تسيير جمعيات القروض الصغرى ( ج ق ص)

  

     يتعلق الأمرهنا بالحكامة في معناها الضيق و المرتبطة أساسا بانتخاب المجالس الإدارية لج ق ص، بقوانينها الأساسية والداخلية وبتوزيع المهام والاختصاصات بين مختلف أجهزتها . وفي هذا الإطار تطرح مجموعة من التساؤلات :

 

 - كم من ج ق ص غيرت رئيسها خلال العشر سنوات الأخيرة٬ عملا بقواعد الديمقراطية التي من المفروض أن تتبناها ج ق ص نظرا لجذورها النابعة من المجتمع المدني؟

 

 - كم هي نسبة تجديد أعضاء المجالس الإدارية ل ج ق ص خلال العشر سنوات الأخيرة من أجل تجديد النخب وإدماج الطاقات الشابة لإعطاء نفس جديد لهذه الجمعيات ؟

 

 - كم من جمعية حددت في قوانينها الأساسية٬ عدد المرات التي يمكن أن يعاد فيها انتخاب الرئيس٬ كما هو معمول به في دساتير الدول الديمقراطية التي تنظم دولا بأكملها؟

 

 - هل القوانين الأساسية لأغلب الجمعيات تحدد بشكل واضح٬ مهام الرئيس و مجلس الإدارة التي تتلخص في التوجيه والمراقبة٬ دون التدخل في التدبير الإداري اليومي عملا بقواعد الحكامة الجيدة المتعارف عليها ؟

رغم غياب معطيات في هذا السياق، فمن المؤكد أن أغلب الوجوه المسؤولة عن الإحدى عشر جمعية النشيطة حاليا٬ هي نفسها التي كانت مسؤولة عنها خلال العشر سنوات الأخيرة.

 

      بعد الوصول إلى منصب رئيس أو عضو مجلس إدارة لأي جمعية للقروض الصغرى يصعب التخلي عنه بسهولة لأنه غالبا ما يكون الحافز اعتبارات شخصية و البحث عن المصلحة الذاتية، وعلى هذا الأساس وضع أغلب مسؤولي الجمعيات آليات حكامتهم.

خير دليل على ذلك التنافس الشرس بين مختلف الجمعيات و الذي كان سببا رئيسيا في الوضعية الكارثية التي وصل إليها القطاع.

    فهذا التنافس لم يكن في حد ذاته بين مؤسسات، بل كان تنافسا بين مسؤولي هذه المؤسسات حيث أصبح كل واحد منهم يبحث عن مؤشر خاص يتفوق فيه عن الآخر وأصبح كل مسؤول يريد أن يكون لجمعيته أو بالأحرى له، أكبر عدد في كل شيء (عدد الزبائن، عدد القروض الموزعة، عدد...الخ) دون الاكتراث بقدرات جمعيته ومدى تحكمها في نسبة نموها.

 

         إن شخصنة المسيرين لعلاقاتهم داخل القطاع هو أساسا بدافع البحث عن الزعامة الفردية، البقاء في الواجهة ، أو من أجل الشهرة بما يتيحه ذلك من البروز في مختلف وسائل الإعلام أو فقط من أجل الاستفادة من السفريات التي تتكفل بها الجمعية لفائدة مسيرين لحضور مختلف المؤتمرات والندوات داخل وخارج الوطن .

  

2 ) انحراف الجمعيات عن الرسالة الاجتماعية للقروض الصغرى حتى في فترة ازدهار القطاع، كان الممارسون في هذا المجال يجدون صعوبة في إقناع ممثلي جمعيات المجتمع المدني كالجمعيات التنموية والثقافية و جمعيات حماية المستهلك... أو حتى مسؤولي بعض الإدارات العمومية المعنية بالتنمية على المستوى المحلي، بالأهداف النبيلة والرسالة الاجتماعية للقطاع، فما بالك في الوقت الراهن المتسم بارتفاع مديونية الزبائن وحالة الإحتقان والتدمر وسط الأطر والمستخدمين٬ بسبب ضبابية الآفاق المستقبلية الذي أذكته من جهة٬ استمرار الاختلاف بين الجمعيات داخل الفيدرالية الممثلة للقطاع٬ و من جهة أخرى حالة مئات المطرودين من العمل بعد عملية إدماج مؤسسة زاكورة ومؤسسة البنك الشعبي للقروض الصغرى.

 

عن الصورة السلبية التي تركها القطاع في محيطه الخارجي، نورد بعض الانطباعات أو الانتقادات الموجهة لج ق ص :

  - جمعيات القروض الصغرى بمثابة "مصاصي دماء الفقراء".
  - القروض الصغرى تساهم في تفقير الفقراء أكثر من تطوير أنشطتهم المدرة للدخل.
  - القروض الصغرى ليست إلا وسيلة لتنمية رساميل واستثمارات المؤسسات المالية الدولية.
 - القروض الصغرى وسيلة لإغراق مواطني الدول الفقيرة بالديون من طرف المؤسسات المالية الدولية بعد أن تم إغراق دولهم (أي الدول الفقيرة).

 

     هذه الانتقادات تجد تبريرها في الوضعية الحالية التي يمر بها القطاع و في الانحراف عن الرسالة النبيلة التي جاء من أجلها٬ حيث أصبح هم أغلب الجمعيات هو استثمار الأموال التي تقترضها بدورها من الأبناك أو من مؤسسات مالية خاصة٬ و تحقيق أرباح صافية في آخر السنة.

 

      ففي كثير من الحالات يفرض مسؤولو ج ق ص على أعوان السلف (المكلفين بمنح القروض) توزيع مبالغ كبيرة في زمن وجيز٬ مبررين ذلك بوجوب استثمار هذه المبالغ في أقرب الآجال باعتبارها قروضا بنكية تؤدي عنها الجمعية نسبة الفائدة. في هذا الإطار تمنح هذه القروض لمختلف الشرائح الاجتماعية و دون أي اهتمام بمستوى مديونيتهم أو الغرض من منح القرض و الذي يجب أن يستعمل في أنشطة مدرة للدخل أو تحسين ظروف السكن.

 

في ظل هذا الظرف من تاريخ تطور القطاع٬ فإن ج ق ص مطالبة أكثر من أي وقت مضى٬ بالرجوع بالقروض الصغرى إلى أهدافها النبيلة٬ المتمثلة في تمكين الشرائح الاجتماعية المهمشة٬ النشيطة اقتصاديا٬ من تطوير أو خلق أنشطتهم المدرة للدخل٬ أو على الأقل٬ توضيح الرسالة حتى لا يبقى أي لبس٬ وذلك عبر الاختيار -وبكيفية واضحة- بين الطريقين:

 

 1) إما اعتبار القروض الصغرى خدمات مالية موجهة لكل الشرائح الإجتماعية مقابل عائدات ربحية٬ مع الالتزام بما تتيحه قواعد المنافسة التجارية.

 2) إما القول بأن للقروض الصغرى رسالة وأهداف اجتماعية٬ و أنه حان الوقت لتصحيح الوضع الحالي و العمل على التأسيس لتجربة مغربية خاصة في هذا المجال٬ في استقلالية عن توجهات بعض المنظرين الدوليين التي تتوخى جعل القروض الصغرى خالية من بعدها الاجتماعي لأغراض معينة.

 

بعض التوصيات للخروج من نفق الأزمة

للخروج من الوضعية الحالية، وبموازاة مع التدابير ذات الطابع التقني، على مسؤولي مؤسسات القروض الصغرى والقطاعات الحكومية الوصية٬ الوقوف على تحليل جذورالأزمة واضعين مصلحة القطاع فوق كل اعتبار. من بين النقط التي تستوجب المراجعة :

 - الاعتراف بأن قطاع القروض الصغرى له محدوديته وعلى الدولة أن تتحمل مسؤوليتها في تنمية البلاد وألا تضخم أكثر من اللازم من قدرة هذا ا لقطاع في الإجابة على معضلة البطالة والقطاع غير المهيكل.

 - تبني قواعد الحكامة الجيدة وقواعد اللعبة الديمقراطية التي تسمح بتجديد النخب المسيرة وضخ دماء جديدة في القطاع.

 - إعادة النظر في رسالة القروض الصغرى وتوضيح أهدافها.

 - تقييم التجربة المغربية ووضع تصور شامل للقطاع.

 - الانفتاح على مؤسسات المجتمع المدني وعلى الرأي العام لمحو الصورة السلبية التي راكمها القطاع.

-  نبذ عقلية الهيمنة وتشجيع خلق جمعيات محلية أو جهوية تحظى بدعم المجتمع المحلي ومؤسساته.

 

ميدا المغرب يوليوز 2010

 

 www.tanmia.ma

Partager cet article
Repost0

commentaires